اللوح الزمردي وحقيقة الخمياء وعلاقتها بطقوس السحر والشعوذه : حقيقة الخمياء .

 


ان السبيل الى معرفة الحقيقة التي تنير عقولنا وتزيدنا علما وفهما لهذه الدنيا ، وتجعلنا نطل على اشياء لم نسمع عنها من قبل هي بالرجوع الى الوراء ، الى عصور مضت ، الى حقب من الزمان كانت تمارس فيها انواع كثيرة من طقوس وتنجيم و خيمياء ، الخيمياء التي هي الآن بوجه اخر ، وجه يروج للناس على انه علم منفصل على اصله ، وهي الكيمياء ، اما حقيقة هذه الاخيرة هي جزء لنقل انه يشكل 1٪ من مجموع المفاهيم التي تشكلها الخيمياء في الحقيقة.


الخيمياء وعلاقتها بعلوم السحر و الشعوذة:

لم يتمكن الانسان منذ القديم من اعطاء مفهوم الخيمياء في اصله الحقيقي ، بل كان يعتمد على مفهومه الحديث المرتبط باسمه فقط ، اي على انه مجرد جرعات ومحاولات لتحويل المعادن الى ذهب او لصنع اكسير الحياة أو صنع حجر الفلاسفة و العديد من الاشياء الاخرى التي ظلت خطا مستحيل كسره او اجتيازه لانه متعلق بالله عز وجل ، فلا مشروب سيعطيك حياة ابدية ولا وصفة ستعيد لك الاحباب ولا ماء سيرجع لك الشباب ، الا ان كل هذه الاعتقادات خاطئة بالفعل ، فالخيمياء كغيره من العلوم الخبيثة التي درست على يد الشياطين ، هو علم خاص بعالم اخر لا ينبغي للانسان المسلم ان يقترب منه لانه ابتعاد وشرك بالله ، فهو يقوم بالاساس على التأثير المادي في عالم الاحياء بجرعات ووصفات تعلمها الانسان عن طريق الشياطان ، وهو متعلق بالمرتبة الاولى بما سموه فنون السحر و الشعوذة ، فكما سبق وشرحنا انواع السحر و الشعوذة التي غالبا ما تكون تعتمد على الجانب الروحي للانسان ، فعكس الخيمياء هي تعتمد مباشرة على الجانب الفيزيائي للانسان او الجماد من الاشياء ، فالخمياء ان شئت ان تقول هو التأثير الغير الطبيعي على الاشياء بصفة عامة ، تستخدم علما قديما جدا وتعتمد على بعض الوصفات الغريبة و العجيبة والرموز وعلى اوقات محددة في السنة لصنع الوصفات و الجرعات ، وتستخدم اكثر من مكون واحد يكون في بعض الاحيان صعب ايجاده ، لندرة ذالك المكون .

تاريخ الخيمياء وعلاقته ببابل :

تاريخ الخيمياء غير معروف بتاتا اذ ان بداياته مبهمة و غير واضحة ، لكن يعتقد الكثير على ان بداياته كانت في مصر اذ يعتقد على ان كلمة خيمياء تعود الى كلمة كيم من المصرية القديمة ، لكن هذه كلها معتقدات فارغة لا اساس لها من الصحة ، حيث ان الخيمياء بمفهومه الحقيقي اساس علوم السحر التي تعتمد على الجرعات و الوصفات الغريبة ، اي ان الخيمياء في الاصل هو السحر ، وبدايات السحر كما ذكرها الله في كتابه الكريم كانت في بابل ، والتي تعلمت السحر عن طريق الشياطين ، اي ان الفكرة الاقرب الى الحقيقة من غيرها هي ان اصول الخيمياء لم تكن ابدا مصر بل كانت بابل مقر ولادة السحر و الشعوذة بجميع فروعها ، حيث ان بابل كانت تعج بالسحر ، وعرفت بذالك الى الان ، ولم تذهب عن بابل هذه الصفة الدنيئة حتى عند اقدم و اشهر السحرة على الاطلاق فبابل بالنسبة لهم هي الام الولودة لعلوم السحر و الشعوذة .

الخيمياء التي لم تعرفها :

 فالخيمياء كانت جرعات ووصفات تعلمها الانسان توهمه بانه وصل الى حدود المعرفة الاهية التي كان يطمح اليها الانسان ، والتي الى الآن لا زالت العديد من المنظمات تحاول الوصول اليلها ، واقصد هنا سيرن ، التي تحاول الوصول الى مادة الخلق التي تكلمنا عنها سابقا، كانت الخيمياء ايضا تقوم على هذا المفهوم وتحاول الوصول الى اسرار صنع اكسير الحياة و ايضا صنع حجر الفلاسفة والكثير من الاشياء الاخرى للحصول على الحياة الابدية ، وبذكر الحياة الابدية فان اول ظهور لهذه الفكرة كان على يد ابليس لعنه الله ، فهوم اول من تلفظ بها واوهم ادم عليه السلام بها، وجعله يعصي الله بها ، فعندما نرى مرة اخرى تسابق الانسان الى هذا السر الالهي فاننا مباشرة نعرف ان فكرة كهذه مصدرها الشيطان لعنه الله ، فكانت الخيمياء تخدم كلا الجانبين السلبي و الايجابي ، الايجابي هو ان الخيمياء ليست مجرد سحر يمارس لاذية الناس او شيء اخر خبيث بل كان ايضا يستعمل في الشفاء من الامراض و محاربة الشيخوخة و الامها و الكثير من الاشياء الاخرى التي ادت في النهاية الى الوصول الى فكرة انشاء او صنع مشروب سحري ليطيل الحياة واعتبار الموت مرضا كسائر الامراض التي يجب معالجتها، ولا يخفى على الناس ان الخيمياء لم تكن بهذا الاسم او بهاذا الخبث كما كان حال السحر قديما ، فهي علم تعلمه الانسان الا ان الشيطان زاد فيه ما زاد من الخبث وسمي بالسحر كما سبق وفصلنا في هذا الامر مسبقا فهذا جانبها السلبي الذي تمثل في صنع جرعات غريبة تدفع الى التأثير على المستهدف لجعله يقوم باشياء و يفعل اشياء اخرى ، لقتله مثلا او لدفعه الى فقدان صوابه ، كانت الخيمياء سلاحا يستعمل في كثير من الامور الخبيثة كان علما من العلوم التي تجعل من الانسان شيطانا في النهاية.

اسم الكيمياء المظلمة هو اسم اخر للخيمياء :

يطلقون عليها الكمياء المظلمة ، وهي اسم يمثل الخيمياء في الاساس ، الخمياء تعتمد في الاساس على اربعة عناصر الماء و الهواء و النار و الارض ، واعتبروا هذه العناصر هي اساس سلسة من العناصر التي تأتي بعدها والتي جمعت في جدول قديم للخيمياء ، يمثل العديد من الرموز الغريبة التي تشير الى مكونات او عناصر عديدة وساهم العديد من الخيميائيين القدماء في توحيد هذه الرموز لكن ليس كليا ، لكل رمز من الرموز معنى ومفهوم خاص به ، يعتمد على اربعة عناصر كما ذكرناها سابقا هي الماء و الهواء و النار و الارض ، وتحتوي على سبعة معادن اساسية مرتبط ارتباطا تاما بالكواكب ويوم من ايام الاسبوع مثل رمز الرصاص الذي يرتبط مع قرينه في مجموعة الكواكب بزحل واليوم السادس في الاسبوع وهو السبت و القصدير بكوكب المشتري يوم الخميس و الحديد بكوكب المريخ يوم الثلاثاء و الذهب بالشمس يوم الاحد و النحاس بكوكب الزهرة يوم الجمعة و الزئبق بكوكب عطارد يوم الاربعاء و الفضة بالقمر يوم الاثنين ، وما نلاحظه الآن هو ان هذه المعادن ارتبطت بكواكب محددة وايضا يوم محدد لماذا هذا؟ ، وهذا ما يذكرنا بعلم التنجيم وعلاقته بالسحر، اضافة الى ان جميع المعادن السبعة الاساسية في الجدول كانت لها معاني عميقة اكثر مما تظهر ، وهي معاني خاصة بالسحر وطقوسه الاخرى ، فعلى سبيل المثال الزئبق ورمزه ، وكوكبه عطارد يرمز الى الحياة و الموت وايضا يرمز للزئبق برمز يشبه رمز الانثى ، وبالفعل فعطارد يرمز لها عادة بالثعبان و يقال على ان رمزها يشبه الرحم الكوني وان الزئبق يمثل المبدأ الانثوي السلبي وكذالك الرطوبة و البرودة ، وكانت هذه الاشياء تستخدم في السحر قديما لا حاجة لنا في وضع التفاصيل ، يحمل كل رمز في علم الخيمياء الى شيء ضمن عالم المادة ، وبذالك يتم صنع وصفات سحرية ، تكون مرتبطة بوقت معين في السنة او قد لا تكون كذااك اعتمادا على نوع الوصفة و المراد منها ، ويلي المعادن السبعة في الجدول الى ما يمسى بالعناصر الدنيوية وايضا لها رموزها الخاصة ومفاهيمها الخاصة مثل الانتيمون و الزرنيخ و العديد من المواد الاخرى .

الخيمياء جزء كبير من السحر وتكوينه :

على عكس كل ما يقال عن الخيمياء واصولها التي قيل انها تهتم بتحويل المعادن الى معادن نقية مثل الذهب و الفضة ، الا ان هذا المفهوم لم يكن دقيقا كفاية ، ولم تربط اسماء الخميائيين الكبار الذين نعرفهم مثل نيوتن و باراسيلسوس وغيرهم من الذين كانوا يدرسون هذا العلم في الخفاء ، لماذا في الخفاء وليس في العلن ؟ وهذا ما يثير الشك حول اصول الخيمياء وحتى تاريخها الذي مزج بالخرافة بدلا من الحقيقة ، في حين انه اذا ما درسنا جيدا تاريخ السحر سنرى ان معظم السحرة و المشوعذين كانت لهم يد في صنع الجرعات السحرية التي سميت في ما بعد بالخيمياء اي الجانب المظلم من الكيمياء او الكمياء المظلمة ، كما ان للسحر جانب ايجابي فان له جانب سلبي ايضا ، كما سبق وفصلنا في هذا في حقيقة العلم الذي علمه الملكان هاروت و ماروت للانسان ، وكيف ان الانسان اسره الشيطان بافساد علمه وتوحويله الى علم خبيث سماه القرآن بالسحر ، والذي اذا نظرنا الى تاريخه الكبير يمكننا ببساطة ان نفهم علاقته بالكيمياء ، وندرس حقيقتها ، ويمكن اخيرا فك الضباب عن هذا الموضوع ، رغم كل هذا لا يمكن ان ينكر الانسان العاقل ارتباط الخمياء باصول السحر و الشوعذة ، واذا نظرنا الى بعض الكتب السحرية القديمة فاغلبها كانت تضم بطريقة او باخرى جرعات سحرية ناهيك على ان الكتاب نفسه يحتوي على طلاسيم و كتبابات سحرية ، مما يجعلنا نرى ان الخمياء جزء من السحر وليست منفصلة عنه .

الخيمياء في اصلها الحقيقي :

والآن بعد عرفنا جانبي الخيمياء وتاريخها ، فاننا بذالك عرفنا ان الخيمياء ليست على اصلها ابدا ، وان منبع فساد العلوم من الشيطان لعنه الله ، فالخيمياء اسم ارتبط بعلم قديم ، علم الوصفات و الجرعات التي كانت تساعد كثيرا في مجال الطب و الصحه ، وكانت اشياء جديدة على الناس كانت مثل السحر الذي هو كل امر غير طبيعي لمستوى اخر من علم لا يعرفه الانسان ، فالخمياء كانت اصول الصيدلة حاليا بمفهومها ، الا انها كانت تعتمد بالاساس على المواد الطبيعية بدل الصناعية فكانت تأثيرها و نجاحها افضل بمئة مرة من الحالية، وهي ما نسميه الان او ما يسميه البعض بالطب البديل او التداوي بالاعشاب ، والى الآن و منذ القديم كان اجدادنا يستعملون هذه الوصفات التي توارثوها عبر قرون عديدة في الاعتناء بالصحة و الوقاية من الامراض ، الا انه مباشرة بعد نزول هذا العلم العظيم لوث بسموم الشياطين الا ان وصل الى هذه الحال ، وسمي بالخيمياء لانه كان مظلما ولم يكن كما نزل ، فبعد ان تعلم الانسان اصول الطب و الجرعات الطبية و الوصفات ، جاء الشيطان ليعكس ذالك ويضيف اليها سموما لتصير الجرعة تقتل او تأذي الناس ، فاصبحت الخيمياء جزء من السحر وليست منفصلة عنه واصبحت ايضا علما يحاول التطاول و التسابق الى معرفة سر الاله و الخلود الذي اصله من الشيطان ، لذالك كان اللوح الزمردي بمثابة الكنز الدفين لهذه المعرفة الذي اعتقد الخيميائيون القدماء انه يحتوي على هذا السر سر مادة الحياة .

اللوح الزمردي وعلاقته بنبي الله ادربس :

اللوح الزمردي تجوب حوله العديد من الاسئلة وخصوصا في اصله الحقيقي ، وبما ان الامر يشوبه الكثير من التشكيك فاننا لن نخوض في الامر كثيرا ، ينسب اصل اللوح الزمردي الى هرمس والذي اختلف الكثير في حقيقته ولكن قيل انه هرمس السكندري اليوناني وتاريخيا هو نفسه نبي الله ادريس ، ولنحيط علما بعد الدراسة العميقة لمثل هذه المواضيع وجدنا خليطا غريبا خلال اطار بحوثاتنا واغلبكم سيقف عند هذه الفكرة هي ان الشخصيات القديمة مثل ادريس و ادم و ولديه و الكثير من الانبياء و الرجال الصالحين ، مثل ود و سواع ويعوق ويغوث ونسرا ، هذه الشخصيات التي في الاصل هي شخصيات حقيقية عندما نأتي الى بعض الالهة الاغريقية القديمة نجد ان الشخصيات البطلة مع المدة تصير الهة بعد موتها بفترة كبيرة ، وهذا من عمل الشيطان لعنه الله ليعبد الانسان الاصنام ، اي ان اله الاغريق هرمس هو نفسه نبي الله ادريس وهو نفسه اخنوخ المصريين الذي ذكر المسعودي رحمه الله انه هو نفسه نبي الله ادريس عليه السلام ، لذالك كل ما يقال عن هرمس او اخنوخ قد يكون والله اعلى واعلم جزء من حقيقة نبي الله ادريس ناهيك على ان الشخصيات الثلاثة متشابهة ، والآن لنكمل ، تعلم ادريس فنون كثيرة علم الاحرف و اللسان و علوما اخرى توارثها من ادم عليه السلام ، وانزل عليه 30 صحيفة ، اما الواح الزمرد التي تنسب الى ادريس عليه السلام و التي قيل انها اساس علوم الخيمياء و تكوين حجر الفلاسفة وسر مادة الحياة فهذه كلها خرافات و اساطير لا تمت للواقع بصلة ، فلا يمكن ابدا لنبي من انبياء الله ان ينسب اليه مثل هذا العمل الشيطاني في المرتبة الاولى ، فنبي الله ادريس اتاه الله تعالى بالوراثة علما من العلوم القديمة عن الكواكب و علم النجوم و الكلام و علوم اللسان و العلوم الاخرى التي كانت سبب تطور الحضارة الانسانية في ما مضى ، ونقصد بالتطور اي تطورها الهائل اكثر من تطورنا هذا ، فهاذا الذي يسمى باللوح الزمردي ليس الا عملا من اعمال الشيطان او تحريفا لنصوص الهية نزلت على ادريس ولا يمكن ان نربط هذا العمل بنبي من انبياء الله فكفى الانسان تضليلا وافتراء على انبياء الله ، وليفكر الانسان بقلبه ، هل يجوز لنبي من انبياء الله ان يدرس ويعرف سر مادة الحياة هذا اذا كانت بالفعل موجودة ، هل يجوز لنبي من انبياء الله ان يكتب عن وصفة تجعلك خالدا في الدنيا واننا نعلم جميعا انها فانية ، نعم هذا لا يجوز لذالك فان المخرج من هذا الامر اسهل من السهولة ، فلا علاقة للوح الزمردي بنبي الله ادريس ، وان العلاقة الوحيدة الموجودة هي ان العلوم القديمة كتبها ادريس عليه السلام ليرثها ابن ادم ، هذه العلوم هي سر العلوم القديمة لم تكن لتخرج للعلن ابدا تحتوي على اكثر الاشياء بهجة واشراقا للانسانية كلها ، كانت موروثا قديما لكن كل شيء تم فقدانه او الاستيلاء عليه ، ولماذا تجد التطور في بلاد الغرب ولا تجده في بلاد المسلمين سؤال ستعرف جوابه بعد ان تقرأ التاريخ .

خلاصة :

ان الخيمياء او اي علم خبيث ليس على اصله ابدا ، لم يكن هناك شر، الخير يتحول الى شر ، هذه هي المعادلة التي لم تفهمها ابدا ، عندما خلق الله الانسان خلقه على الفطرة السليمة ولم يتركه ليموت في ارضه التي خلقها له ، بل علمه علوما ليقدر على العيش فيها ، وهذا ما لا يريدون منك ان تعرفه يريدونك ان تصدق ان الانسان كان قردا تطور وتطورت مفاهيمه بعلوم الارض وهذا بالعقل والمنطق مستحيل تماما ، حتى لو كنت في ابهى قدراتك الجسدية فهو مستحيل تماما ، لذالك فان الخيمياء نتاج غير طبيعي تماما ، عندما اعطيك فأسا فانت ستختار اما ستبني بها بيتا او تهدم بها بيتا اخر ، هكذا كان الانسان الاول يصلح و الاخر يفسد .

إرسال تعليق

أحدث أقدم